حسنا،
وقد عزم هذا العام على الرحيل، يهمني جدا أن أعلن أن عامي الجديد سيتأخر قليلا عن عامكم لثلاثة أشهر، فلن أحتفل بليلته الأولى إلا في الليلة الأخيرة من مارس 2016، لأنها الليلة التي تؤرخ بداية تفرغي التام للدراسة بدءا من صباح اليوم الذي يليه، بعد طول تشظٍ ومكابدة.
لذا، فإن خطتي التي أكتبها الآن، ليست للـ (الآن) بالضرورة – أقصد بدءا من يناير – ولكنها للعام الذي سأتحرر فيه من التزام وظيفي أعاق مشوار دراستي كثيرا، حينها فقط سأدشن تقويما جديدا أتحرر فيه من سارقي الفجر، ومن المسافات التي أقطعها يوميا ما بين مسقط وسمائل التي أذهبت ثلث عمري، وأعلن في المقابل كسبي لثلث حياة وثلث نفسية مهدرة في زحامات تكبر أسبابها وتصغر كلفتني عمرا من المزاج المتعكر.
عامي هذا سيكون عاما مغربيا بامتياز، سأقيم في المغرب طويلا، هناك في الشمال حيث طنجة ومارتيل، وسأقلب القاعدة التي التزمت بها سنوات من القراءة والكتابة، فأكتب كثيرا وأقرأ قليلا، لأنجز أطروحة تعلقت في رقبتي منذ عامين، وأُسعِد بإتمامها قلبين في هذا العالم، أما سعادة البقية – إن سعدوا – ففضل منهم وكرم أقدره بمحبة هائلة.
في عامي هذا سأتفرغ لأشياء عالقة كانت تنتظر فرصة لتشغلني فلم أمكّنها مني، وها أنا أعلنني لها الآن حلالا زلالا: سأنهي كتابين علقتهما طويلا قبل النشر "نافورة الشمس" و"حديث الفجر" (لا يزال بعنوانه القديم)، وأحسب أنهما تخمّرا وتعتقا بما يكفي لأرضى عنهما. وسأقرأ روايات أجنبية أكثر، وروايات عربية أقل. وسأمنح نفسي قسطا وافرا من القراءة في علم النفس والأنثروبولوجيا والتاريخ وتاريخ الفكر الإنساني خصوصا ومجتمعاته، وفي الفلسفة الأخلاقية والسياسية. وسأعيد طباعة ديوان "فيض الإحساس" بكثير من الإضافات والتعديلات التي فاتتني في الطبعة الأولى.
ماذا بعد: سأسافر إلى وجهات شتى أبدؤها بمصر وأنهيها بأسبانيا، سأعيش عمري كله في هذا العام: سفرا وقراءة وكتابة .. وسينما
هل بقي شيء؟ نعم .. لدي طموحان لابد من (الشروع) فيهما في عامي الجديد: ترميم لغتي الإنجليزية، وتعلم اللغة الفرنسية.
وسأبوح أخيرا بسر صغير: روايتي الأولى تنتظر نصيبها من الوقت الذي لن أدّخره بعد الآن، ففي الختام – وكما قلت سابقا – لابد أن أكتب رواية قبل أن أموت.
ختاما، أستحضر جواب شاعر مغربي سألتُه: لو منحوك عاما من التفرغ ماذا ستفعل؟ قال: لن أنام!
منى بنت حبراس السليمية
28 من ديسمبر 2015م