دكان
منى بنت حبراس السليمية
عندما كنت صغيرة أردت أن أفتح مشروعا يدر لي نقودا، فقررت أن أفتح دكان حلويات. كان رأس المال لا يتجاوز أربعة ريالات فقط. أذكرها جيدا. كانت كثيرة جدا. اشتريت بها كرتونا كاملا من حلوى "تولا"، وكرتون "بوب" ملوّن، وكرتون "شاكليت بو بقرة" وكيسة بطاطس عمان، وكرتون حلوى مصاصة.
اكتملت البضاعة، وبقي تحديد الموقع، فلم أجد مكانا أنسب من غرفة برج البيت. هناك هيأت المكان وصففت كراتيني وأحضرت صندوق مانجو للزوم الجلوس.
أصبح الدكان جاهزا ببضاعة لأول مرة بتلك الكمية. والآن جاء دور التسويق للمشروع وجلب الزبائن.
همستُ لأخوتي وأخواتي بأن دكانا صغيرا في بيتنا سيوفر عليهم عناء عبور الشارع؛ فقد أحضرتُ لهم بغيتهم إلى داخل البيت بكميات هائلة كما بدت في ذلك الوقت.
كان اليوم الأول مبهجا، ولكنه بقي خارج دائرة علم أمي حتى تلك اللحظة، إلى أن طار رضا الزبائن عن دكاني إلى بيت الجيران، فتقاطر الصغار إلى بيتنا بنقودهم البُنيّة المجعلكة.
في تلك اللحظة تنبهت أمي لخطر لم أعرف كنهه البتة. صعدتْ إليّ في دكاني الوليد في غرفة البرج حاملة "مْجَمْعة" في يدها، وهوت بها عليّ دون هوادة، وهي تردد: "تبيعي هاه؟! تبيعي؟!"
لا أعرف ما معنى سؤالها، ولكن عاصفة مْجَمْعتها على جسدي لم تهدأ إلا عندما رأتني أغرق في رعاف هو الأشد في حياتي كلها. رعاف لم يوقفه إلا ذهابها بي إلى المستشفى وسط صمت مطبق قام بيننا.
انقطع الرعاف، ولكن سياط سؤالها لم تنقطع حتى اللحظة: "تبيعي هاه؟! تبيعي؟"