منى بنت حبراس السليمية
"عبد الكريم يغني لي" لم تكن عبارة فهد وحده في رواية فئران أمي حصة. كانت عبارتي أيضا.
مع عبد الكريم أكتشف أن المواساة ليست في القدرة على التخفيف عن الحزين، وإنما في القدرة على الحزن معه. وعبد الكريم جريح بما يكفي لأن يشاركنا أحزاننا جميعا.
يستدعي صوت عبد الكريم صورة طفلة تنزل برفقة أخيها من السيارة، وتعبر الشارع إلى الجهة الأخرى لتدخل دكانا تشتري منه شريط كاسيت صدر لتوه، وسرعان ما يلقمانه مسجل سيارة أخيهما الأكبر فيغني عبد الكريم: "بيني وبينك غربة كنها الليل".
كانت الطفلة ابنة تسع سنوات، ولم يكن حزن عبد الكريم ما يشدها لصوته في طفولتها تلك، ولكن شيئا خفيا تحاول اكتشافه في كل مرة تسمع فيها أغانيه.
في طريق عودتها اليومية من العمل بعد غروب الشمس، تدير هاتفها على تطبيق إذاعة أحوال العاشقين وتربطه ببلوتوث السيارة ليصدح عبد الكريم: "غريب .. كيف الزمن يرحل". فيؤنس وحشة الزمن في روحها قبل أن يختصره لها في مشوار العودة إلى البيت.
تعرف أن إذاعة عبد الكريم في هاتفها، ولكنها تأبى النزول من السيارة لمجرد أن أغنية: "رد الزيارة" قد انبثقت للتو بينما تضع جير السيارة على الـ P
قبل أيام طلبت من صديقتها أن تحمّل تطبيق الإذاعة في هاتفها بينما تدردشان عبر الواتساب. تركتا صوته خلفية لدردشتهما. ماذا لو يعلم عبد الكريم أن أغنية "نعم مشتاق لك وقلبي يبيك" انطلقت ليلتها من ثلاث حناجر في لحظة واحدة من أماكن مختلفة!
إذاعة أحوال العاشقين، هي أعظم اختراع لعشاق عبد الكريم عبد القادر. وقت تشاء انقر على تطبيق الإذاعة في شاشة هاتفك ولن يتأخر عبد الكريم الذي سيبادر رغم ذلك بعتبه "تأخرتي، وهذا الموعد الأول"
لم يكن "الموعد الأول"، ولن يكون "آخر كلام" ولكنه دائما "منى الروح والعين".