ضعف
منى بنت حبراس السليمية
كنت كلما حاولت أن يصل صوتي حتى آخر طالبة في الفصل أختنق. ما أن أبدأ الحصة حتى أشعر بيد تمسك بحلقي، وتجعل صوتي يخفت ويخفت ولا أنتبه إلا لصوت الطالبات في الخلف: أستاذة ما نسمع!
أحاول مجددا. أعيد ترتيب أنفاسي، وحبالي الصوتية. أعاود بصوت أحاوله أن يكون أعلى، فأدخل في نوبة سعال لا تنقطع.
لا بأس. لن أستسلم. أشرب جرعات من الماء. أعتمد هذه المرة على التحرك داخل مساحات الفصل وأسير مع صوتي طالما عجز عن الذهاب لوحده بدوني حتى آخر طالبة. مشى الحال.
في بداية فصل جديد، قررت المعلمات ابتداع حصة جماعية، فجمعن طالبات أربعة فصول من الصف السادس في قاعة كبرى متعددة الأغراض، وقسمن الحصة إلى فقرات. كل معلمة تصعد على خشبة القاعة وتعطي فقرة للطالبات المحتشدات.
كان علي أن أبدأ. القاعة أكبر، ولا ممرات أجول بينها لأوزع بريد صوتي بين الطالبات. مع أول جملة بالكاد أنطقها تعالت الأصوات بشكل مضاعف: "أستاذة ما نسمع!"
هذه المدرسة ناقصة، كيف لا توفر "مايكات" داخل الفصول الدراسية!
حسنا. لن ألتفت إلى الحرج الذي أحسه بوجود باقي المعلمات وقد اكتشفن للتو عطب صوتي. سأعيد ما قلته، فدخلت في نوبة السعال اللعينة.
تداركت إحدى المعلمات الموقف وصعدت إلى الخشبة بجواري، وقالت: "أستاذة منى مريضة اليوم نخليها ترتاح يا بنات وسأكمل معها الفقرة".
نزلت وفي عيون بنات فصلي جملة معلقة تكاد تنطق: "أستاذة منى صوتها ضعيف ما مريضة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق