الجمعة، 10 أغسطس 2018

منكير جدتي

منكير جدتي

منى بنت حبراس السليمية


لا أتذكر جدتي إلا بأظافرها المخضبة بالمنكير الأحمر! كنت أجلس قريبة منها عندما رحت أدير بين أصابعي قارورة المنكير الأحمر، ولا أعرف أي شيطان صغير عبث برأسي لأفكر بصبغ  أظافرها به.

بدأتُ بإبهام إصبع رجلها اليمنى العريض، ورحت ألاحظ تأثير دهنِه على تعابير وجهها. تغيّر شكل عينيها، ورفعت رأسها كمن يصيخ سمعا لشيء محسوس. لم تسألني ما الذي يحدث، حتى أتيت على آخر إصبع من قدمها الثانية.

سألتها "غاوي بيبيه؟". قالت " هيه جاني بارد" وسألتها إذا كانت تريد أن أدهن به أظافر يديها، فسارعتْ بمدهما. "بيبيه ما تحركيهن لين ييبسن". "نزين"

كل من رأى أظافرها لاحقا رماني بنظرة عتاب ومضى، حتى كان صباح اليوم التالي، عندما دخل أبي البيت ومعه اثنان من موظفي الكاتب بالعدل لأخذ بصمات جدتي - المُقْعدة البصيرة - على أوراق تتعلق بحصتها من تركة جدي.

لاحظ أبي أظافرها المخضبة بالأحمر ، بينما كان يهم بأخذ إبهامها ليلصقه بلوح الحبر!

كظم أبي غيظه لحين انصراف الضيوف، ثم رماني بنظرة عتب طويلة لم أر مثلها منه غير مرتين. مع الوقت استطعت تخمين ما كانت تقوله نظرته تلك، بيد أنني لست نادمة!

في الثلاثين من أغسطس، تحل الذكرى الثامنة عشرة لوفاة جدتي، وفي كل مرة لا تحضر في ذاكرتي إلا بأظافرها المخضبة بالأحمر وهي لا تدري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق