الأربعاء، 23 أكتوبر 2019

أمي .. مسألة صعبة

أمي .. مسألة صعبة

منى بنت حبراس السليمية

علاقة وحيدة محكومة بالندم كيفما كانت حيثياتها؛ سأندم بعدها على كل تفصيلة لم تكن كما يجب. على كل تقصير غير مقصود. على كل اتصال لم أرد عليه. على حب كان يمكن أن أمنحه بطريقة أفضل. هذه العلاقة ستميتني دائما، ستجعلني بعدها ناقصة إلى الأبد.

تلك هي علاقتي بأمي. مهما فعلت لأتجنب الندم اللاحق لن أستطيع. نحن محكومون بشيء اسمه المستحيل عندما يتعلق الأمر بأمهاتنا، وكل محاولاتنا للتخفيف من قدسية الأم الضاغطة على وجداننا لن نستطيع.

ثمة شيء لا يجعلني أنظر لأبي بالطريقة نفسها. هناك شيء زائد تجاه أمي، يجعلني مذنبة على الدوام، مذنبة حتى لو لم أقترف غير مجيئي إلى الحياة وأنا أدرك أنه بلا قرار مني ولا حول.

أمام أمي لست حرة أبدا. وحتى أنتزع شعور التحرر من هذا الامتنان الأبدي سأحتاج إلى طاقة هائلة أقوى بها على المحو والانسلاخ والتشظي. لا شيء يستطيع جعلي متجردة في نظرتي لأمي ما دام كل شيء يجعلها إلها، ويوجعني أن أكفر به.

أحاول بشكل يائس ترقيع حاضر  يجنبني الندم غدا، ولكن أمي - رغما عنها - لا تجعل ذلك ممكنا. كيف سأعوض طلبها الذهاب إلى السوق ولم أذهب؟ أو رغبتها في استيقاظي باكرا لنفطر معا ولم أستيقظ؟ أو اتصالاتها التي لم أستطع الرد عليها؟ أو انشغالي بهاتفي بينما تجلس بجواري؟ أو أن أقول لها أحبك ولم أفعل؟ أو أن أدس في يدها مصروفا ولم أدس؟ أو أن أشتري لها راشن البيت ولم أشترِ؟

ما أطول القائمة التي لن تجعل غدي أفضل! ستجعلني أمي أندم على كل شيء صائبا كان أو خاطئا. الأمهات لا يربيننا وهن على قيد الحياة، إنهن يبدأن في تربيتنا بعد رحيلهن! وما أكثر ما ستربيني أمي! وما أقسى التربية التي تبدأ بغياب أحد أطرافها.

أين المفر يا أمي؟ لا مهرب منك إلا إليك، وليتني آمن وأصل فلا أندم بعدك أبدا. ستغفرين كل هذا، أعرف، ولكن مغفرتك إثبات إدانة بأني مذنبة أبدا، ولا أملك وسيلة لأكون غير ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق