الاثنين، 10 أغسطس 2015

رسائل إلى الصحراء العربية، ومبارك بن لندن .. وأنت

رسائل إلى الصحراء العربية، ومبارك بن لندن .. وأنت - 2007

منى بنت حبراس السليمية

رسالة (1)

       إلى تلك المساحة من البياض.. افترشت على امتداد المكان تعانق الأفق طولا وعرضا باسم الرمال العربية..

لكِ الشكر إذ حطت بكِ الأقدار في الجوار.. فلابد للريح أن تحمل إلينا بعضا من رقتك [قسوتك] في طريق عودة وذهاب.. في موسم خريف [صيف].. تحن فيه القلوب إلى مساحة من الاخضرار.

      عبرتُ يوما بالقرب.. وتمنيتُ إغفاءة تنتهي بانتهائك.. ولكن رحّالتك البريطاني علمني كيف أعض على أصابع الندم لإغفاءة استدعيتها قسرا في سبيل وصول سريع إلى [صلالة].

 

رسالة (2)

       إلى تلك الصفحات المرصعة بالحكايات الأبدية.. تنثرها الريح حبات تفصح عن عالم سخر القدر منا يوم طواها قبل أن تفتح عيوننا عليه.. صفحات أخذت كل الحق في أن تُقرأ بالقلب.. بالدمع.. بالعيون التي أعمتها ذرات الرمال مع هبوب الرياح تارة.. وبانفعالات الذاهب إلى المنفى رحيلا عن مساحة من الأرض ما تمنى أن يكون خارجها تارة أخرى.

 

رسالة (3)

        إليك مبارك.. بروح البدوي القادم من الغرب.. مضرجا بصخب الحياة.. ليغسل عن مهجته مدنيتها.. ويعيش بنقاء الرمال وصفاء الصحراء.. حيث للعزلة جمال آخر لا يعرفه إلا الهاربون من فوضى الحياة.

        علمتني بأي ميزان تقيس الإنجاز! عندما نتجرد من كل هياكل المادة.. وعلمتني كيف تصبح الرمال ملاذا.. وطنا.. عالما تشكل بألوان الكثبان.. والتلال.. ونبات القصيص والأوكاسيا.. حلما لا ينتهي إلا بمدنية تتسلل إليه لتغتاله باسم النفط..

         نعم.. نحن كما قلت: شديدو الحساسية للغتنا، ولكننا لا نرى الطبيعة حولنا!

ولكننا الأقدر على فهمها! فليس الإحساس غير حقيقة التجاوب مع ظروف الحياة.. وهل مثلنا من استطاع ذلك؟

بشهادتك!

 

رسالة (4)

إليك...

         فكنت تتراءى لي في كل سطر من سطور ويلفرد ثيسجر.. فتحت النوافذ للريح تحكي قصص  الرمال، وتتلو أحاديث البدو تعانق جذور الأرض.. تسألها من سبقت الأخرى في الوجود.. وأومأت إلى الكتاب، فكنت (مبارك بن لندن)!

        تتحدث الصورة في بداءة الكتاب عن ذاك الرحالة البريطاني "ويلفرد ثيسجر"، الأوروبي العابر للربع الخالي [أسطورة مازالت ملفعة بغموضها، كامرأة بدوية لا تعرف العيون منها سوى رسم العينين.. امرأة نست بقية تفاصيل وجهها]، ولكنني ما استطعت أن أراه إلا أنت!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق